728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    الاثنين، 22 فبراير 2021

    العراق بين شارب صدام ولحية مقتدى، حسب رواية رغد



    باسم المرعبي(شاعر عراقي)

    في تربية صدام وثقافته وقاموسه تحتل "الشوارب" حيّزها الأوسع، فالكثير من القيم التي يحملها ويؤمن بها تُربط، لديه، بالشوارب، كلمةً وسلوكاً، وهو ما كانت تفصح عنه خطبه وكلماته وأحاديثه اليومية وشواربه الشخصية، ذاتها، قبل كلّ شيء، والتي صارت ماركةً خاصة به. ومن مرادفات الشوارب في قاموس صدام، الرجولة ، الشجاعة، الجبن، التخاذل، الغيرة، الخيانة، الأمانة... الخ وهذه الصفات، حتى في تضادّها، تفسرها الشوارب، فحمَلَتها هم من يسبغوا عليها أو يصبغوها بالصفات الحسنة أو السيئة. أما طفل الحوزة، المعجزة مقتدى الصدر، فقد ابتدأ غراً في عالم السياسة الأسود كما يتجسّد في العراق، بعد أن رتب له قاسم سليماني أمر ميليشيا جيش المهدي، من بقايا فدائيي صدام وممن التحق به من بقية الحفاة الذين يمكن أحدهم أن يقتل ويفجّر بسعر كارت موبايل. ولأن طفل اللعنة هذا كان دون الثلاثين حين شمّر عن ذراعيه لبدأ عمليات النهب والقتل بِاسم المهدي والحوزة ودم أبيه، ولأنه كان دون سنّ الشيب، فكان يعمد إلى رشّ بعض أجزاء لحيته بالأبيض، ليظهر بمظهر الورِع المسنّ، المحنّك، الذي شيبته دروس الحوزة المستعصية وأهوال السياسة.

    إنّ ما ذكّرني بستراتيجية صدام عن الشوارب، والتي تستدعي بالضرورة لحية مقتدى، حديث ابنته رغد إلى تلفزيون العربية، في الجزء الخامس، من اللقاء معها، حيث ذكرت حادثة هي في صلب حديث الشوارب وأدبياتها، تقول رغد: بعد العام 1996، دخل عزت الدوري "عمّها"ـ هكذا التزمت بتسميته طوال حديثها عنه ـ، المستشفى في بغداد لإجراء عملية ضرورية، جُلب كادر الأطباء الخاص بإجرائها من دولة رفضت تسميتها، المهم. لقد زار صدام نائبه وخادمه وصديقه المقرب وربما قريبه عزت الدوري في المستشفى، وقد أمسك كلاهما بيد الآخر وكان صدّام يطمئنه ويهدّىء من روعه، ويقلل من شأن الأزمة التي هو فيها، ولأن عزت الدوري، حسب رواية رغد كان قلقاً على العراق، وبصفته مسؤولاً، فقد أوصى صدام قائلاً له: العراق بشاربك!!

    وعزت الدوري، هو الآخر، لا يقل عن سيده صدام ولعاً وتعلقاً بالشوارب، وهي حاضرة عنده في السراء والضراء، وربما يتذكر الكثيرون، القمة العربية التي عقدت في الدوحة على مشارف حرب 1991 حين لعن الدوري شوارب الكويتيين، موجهاً سبابه إلى وزير خارجيتهم، وقتها.

    حين نعرف أن عقولاً كهذه على هذا القدر من الانحطاط والتخلف والبداوة، تنظر إلى بلد كالعراق وتتعامل معه كإرث شخصي، ولا تجيد من قاموس لغة السياسة وفنونها سوى فضلات مفردات الشارع، ومفاهيم القيم الجوفاء، بعيداً عن قيَم الحداثة والمفاهيم المتقدمة، هي التي قادت وتقود العراق اليوم، ولا فرق هنا بين شوارب صدام وعزت أو لحية مقتدى وبقية اللحى الداجلة، فلس من العجيب أن يضيع العراق وينتهي إلى ما انتهى إليه، بل العجيب هو أن يكون في موضع مغاير لما هو عليه اليوم.


    الصورة: رؤية فنية خاصة بصدام. العشوائية المقصودة

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 facebook:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: العراق بين شارب صدام ولحية مقتدى، حسب رواية رغد Rating: 5 Reviewed By: غيوم
    Scroll to Top