728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    الأربعاء، 23 ديسمبر 2020

    شاكر الانباري... في وداع السنة

     سنة سيئة، سنة جيدة، كل شخص ينظر إلى رحيل سنتنا المنقضية نحو المجهول بطريقته الخاصة، وطبقا لتجربته التي عاشها خلال أيامها الطويلة، المتقلبة بين الصيف والشتاء، الربيع والخريف. وكعادتي كل سنة، قررت أن أودع هذه السنة الكئيبة، أو الناجحة، حسب زاوية الرؤية، بطريقتي الخاصة. فقمت بجولة في المدينة، وكانت وقفتي الأولى أمام تمثال النيل، المنتصب على كتف بحيرة كوبنهاغن، أو إحدى بحيراتها في الحقيقة، لأن المدينة تمتلك أربع بحيرات متصلة تقع في المنتصف تقريبا. وفكرة هذا التمثال غريبة، فنهر النيل، تصور له الرومان إلاها على هيئة رجل جسّدوه في رسمة، أو ربما تمثال صغير صنع في المئة الأولى بعد الميلاد، ثم نسي التمثال قرونا، حتى عثر عليه في مكتبة الفاتيكان في القرن السادس عشر. وقد قرر نحات دانماركي تكبير الهيئة فنحته بأبعاد ضخمة على صورة رجل تحيط به كائناته من حيوانات، وبشر، وأشجار، وصخور وكان ذلك في القرن التاسع عشر. في الصورة التي التقطتها كاميرتي ألبس المارة، وربما البلدية المحتفية بيسوع ابن الإنسان، الأطفال المحيطين بربهم إله النيل أغطية رأس حمراء، وهي من طقوس الاحتفال بالميلاد في هذه البلاد. وفي جولتي السنوية هذه، وأنا أودع بقايا الأحداث الحاصلة في وقتنا الحاضر، لم أنس فيلسوف البلاد سورين كيركورد المدفون مع عائلته في مقبرة نوربرو، ولا يبعد كثيرا عن قبر الكاتب الدانماركي هانس كرستيان أندرسون، المشهور جدا بقصته ثياب الإمبراطور، ويرقد على بعد أمتار من الفيلسوف، وتحت خيمة من أغصان الشجر. ألقيت عليه التحية، وأخبرته أنني كاتب من العراق،  وشكرته على قصصه الرائعة المضمخة بالخيال، خاصة قصته الساحرة عروس البحر. عرّجت أيضا على زقاق بلوكوذسكاذا، والتقطت لموجوداته صورة لتعيد ذهني إلى أكثر من ثلاثين سنة سابقة، أيام الشباب، وكنت مع شلة الأصدقاء من رواد حاناته، ومراقصة، خاصة في رأس السنة، وتبقى مفتوحة حتى الفجر بعبق نسائها، وملذات ألحانها، والتماعات عيون الندامى من نساء، ورجال. وهم يتوقون لقضاء ليلة حمراء، يودّعون بها سنة مثل كل سنة، ويستقبلون سنة مثل كل السنين، في عود أبدي إلى الحزن على ما فات، والأمل في ما سيجيء. وبعد ذلك وقفت على جسر يظلل البحيرة لأتأمل هذه المدينة الوديعة، الهادئة، الراقصة على إيقاع الزمن مثل ساعة فذة لا تتوقف، بل تركض بالزمن نحو ضوء أزرق بعيد، هو ضوء الأمل البشري الذي يتناءى كلما اقترب الإنسان منه، وكأنها لعبة الوجود الحي على هذا الكوكب، منذ فجر التاريخ حتى اللحظة.

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 facebook:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: شاكر الانباري... في وداع السنة Rating: 5 Reviewed By: غيوم
    Scroll to Top